السبت 27 يوليو 2024

رواية... للكاتبة سلوى فاضل

انت في الصفحة 1 من 51 صفحات

موقع أيام نيوز

الفصل الأول
بمنتصف السبعينات بإحدى الأحياء المتوسطة يوجد أسرتين هما أساس روايتنا 
الأولى هي أسرة عبد الرحيم وهو أربعيني العمر ضخم الجسم أسمر البشرة على قدر كبير من الوسامة التي تخفي وراءها قسۏة الطبع مبتسم من يراه لا يتوقع مدي شدته وقسوته على أهل بيته فكان حازم جدا صارم متزوج من حافظة يحب والدته ويقدرها بدرجة كبيرة ويأخذ مشورتها ورأيها في كل صغيرة وكبيرة وبالرغم من زواجه إلا أنه لم يبعد عن والدته ورغم اتخاذه لسكن منفصل إلا إنه لم يستقل عنها فقد حرص أن يكون بيته قريبا منها وبالفعل كان بيت والدته يبعد عن ببته ببعض خطوات فقط 
أما والدته تتمتع بعدة صفات سيئة رغم سنوات عمرها فهي متسلطة شديدة قاسېة الطباع تهوي السيطرة و تتدخل في كل شيء كبر أو صغر ربت عبد الرحيم منذ نعومة أظافره على حق تأديب الزوجة وضربها وإن عليها فروض الطاعة بلا نقاش أو جدال وأن خوف الزوجة هو مقياس الرجولة والهيبة فسكنت هذه الفكرة عقله وقلبه ولم يتهاون في تطبيقها على زوجته حافظة التي لم تعترض على معاملته لها بالرغم من استياءها ورفضها ولكن منعها الخۏف تارة ووالدتها تارة فذات مرة استجمعت قواها وقصت لولدتها قسۏة زوجها وسوء معاملته لها فما كان منها إلا أن طلبت منها التحمل بذلك اليوم ذهبت إليها والدتها لتطمئن عليها وجلسة معها وانفردت بها بغرفتها

طمنيني عليك يا بنتي جوزك عامل معاكي أيه
تعبانة يا أمي صحيح هو كويس معايا بس لو غلطت أو ضايقت الست أمه بيضربني 
تفاجأت والدتها وسألتها بإستفاضة
يضربك إزاي! وعلى كده بيمد ايده على طول ولا بيفهمك الأول
أدمعت حافظة ظنت أن والدتها ستشجعها على الاعتراض
بالحزام يا أمي أول مرة يزعق ويبرق بس لو اتعادت تاني أو حاجة شبهها بيضربني بالحزام اقفي في صفي يا أمي أنا عايزة أقول لبابا أنا تعبت حاولت أسكت وأخبي ومش قادرة 
انتفضت والدتها
تقولي لأبوك أيه! أوعي ده قدرك ونصيبك ونصيحة أوعي تجيبي سيرة لأنه حيصر على طلاقك أنت ما تعرفيش يعني أيه طلاق 
أنا جسمي اتقطع من الحزام 
ولو تطلقتي هتتحبسي في البيت أي دخول أو خروج محسوب عليك النفس محسوب عليك معاملة أبوك هتتغير وبعدين ما أهو أبوك كان بيضربك بردو وجوزك من حقه يأدبك لو ما طاوعتهوش أدام مراعي شرع ربنا ومش بيطلب منك حاجة حرام يبقي تحطي لسانك في بؤقك فمك وترضي بالمقسوم 
وبهذه الكلمات قضت والدتها على ما بقى من شجاعة داخلها بل زادتها رضوخا لواقعها الأليم وحبست نفسها داخله 
الأسرة الثانية هي أسرة محمد موظف في إحدى المصالح الحكومية طويل القامة ذو ملامح بشوشة قمحي اللون عريض المنكبين هادئ الطباع تزوج من فاطمة زواج تقليديا ولكن نشأت بينهما من الوهلة الأولى قصة حب كللت عرسهما رافقهما التفاهم من اللحظات الأولى كلاهما يفهم الآخر من نظرة واحدة 
كان بيتهما يبعد بشارعين فقط عن أسرة عبد الرحيم برغم تقارب المكان إلا أن روح كلا المنزلين مختلفة تماما فمنزل محمد تسوده البهجة و تغمر أركان البيت السعادة والحب والتفاهم لم تستاء فاطمة أبدا من زوجها ودوما ما تردد على مسامعه 
أأنت أحلى هدية أعطاها لي ربنا
تزوج كل من محمد وعبد الرحيم بنفس الفترة تأخر حمل فاطمة لفترة طويلة بعكس حافظة التي حملت بعد فترة قصيرة من الزواج وعندما علمت بحملها فرحت كثيرا لقدوم مولود جميل كما أن حملها أصبح درعا لها تحتمي به فذات مرة هم عبد الرحيم بتأديبها فكادت أن تفقد جنينها وأكدت الطبيبة على وجوب الراحة طوال فترة الحمل وألا تتعرض لأي مجهود وإلا فقدوا الجنين فاستغلت حافطة الفرصة طوال فترة الحمل 
وعندما وضعت سعدت بشدة لأن مولودها ذكرا ولكنها شعرت ببعض الضيق فقد فقدت درعها وحمايتها وعادت مرة أخرى تخضع لتأديب زوجها واسماه زوجها عبد الرحمن وكان جميلا منذ اليوم الأول أخذ من حافظة الجمال وبياض البشرة وعن والده الوسامة والطول 
اتسم بيت عبد الرحيم بالصمت وجفاف المشاعر كان بيتا كبيرا كثير الغرف يشبه بأثاثه وترتيبه ذوق والدت عبد الرحيم لا يعلو فيه سوى صوت عبد الرحيم وصوت الصړاخ التوسل والاعتذار 
لم يفقد كل من محمد وفاطمة الأمل في الإنجاب كانا على يقين أن الله سوف يمنح قلبيهما الراحة وسيرزقهما الذرية صالحة كان محمد يسمع زوجته دوما ما يريح قلبها ويطمئنها ويتقبل مشيئة الله وقدره ويعتبرها زوجته وطفلته أما هي فلم تمل تدعوا الله موقنة من الاستجابة فرزقهما الله بعد انتظار ثلاثة أعوام بمحمود فحمدا الله كثيرا على نعمته فقد وصل شوقهما للإنجاب إلى ذروته 
دفق محمد على أسرته الصغيرة بالحب والحنان وبنفس الوقت يغرس في محمود بذور الرجولة والشهامة ورجاحة العقل فغرس فيه أن العقل هو المصرف لكل شيء وبالعقل والقلب نستطيع حل جميع المشاكل 
ازداد شبه محمود بوالده شكلا وفكرا ظهر ذلك بوضوح

انت في الصفحة 1 من 51 صفحات